ياسر أيوب يكتب: حافز للفساد والظلم!!
30 مارس 2012 الساعة 6:56 مساء
لا أزال أواصل الانشغال بقانون جديد للرياضة فى مصر، تجرى الآن صياغته وإعداده على عجل دون تمهل وتعقل ومكاشفة ومشاركة من الجميع.. لا أزال مقتنعاً بأن الالتفات لهذا القانون واجب على الجميع، ولابد أن يسبق ويفوق الاهتمام بأى كلام وقضايا أخرى.. وأود اليوم أن أهدى حكاية صغيرة لهؤلاء السادة الذين يقومون بإعداد وصياغة هذا القانون..
حكاية بدأت بقرار لجمال العربى، وزير التعليم، يرفض فيه منح أى طالب أو طالبة درجات الحافز الرياضى، نتيجة توقف النشاط الرياضى حالياً.. وعلى الرغم من أن قرار وزير التعليم كان طبيعياً ومنطقياً وصحيحاً وعادلاً أيضا.. إلا أنه أقام الدنيا وأقعدها فى كثير من الاتحادات الرياضية..
فنحن لدينا فى مصر قاعدة وهمية وعبثية وظالمة تمنح درجات كثيرة إضافية فى مجموع الثانوية العامة للطلبة والطالبات الذين يتفوقون رياضياً ويفوزون ببطولات محلية على مستوى الجمهورية أو محافظاتها ومناطقها.. وعلى مدى خمسين سنة لم يفكر أحد فى مراجعة جدوى وضرورة تلك القاعدة أو يطالب بإلغائها.. ولم ينتبه الكثيرون إلى أنه منتهى الظلم أن ينال طالب فى الثانوية العامة درجات إضافية فى المجموع العام لمجرد أنه متفوق، رياضيا، رغم أن المتفوقين والموهوبين فى مختلف مجالات الحياة لا ينالون حتى درجة واحدة إضافية..
وبقى فلاسفة الرياضة يدافعون طول الوقت عن هذه القاعدة، بدعوى أنها تغرى الصغار بممارسة الرياضة والتفوق فيها.. مع أن نفس هؤلاء الفلاسفة بقوا طيلة الخمسين سنة يشكون من تدنى مستوى الرياضة وعدم إقبال المصريين على الممارسة، فتضاءلت قاعدة أى لعبة فى مصر.. ثم تحول هذا الحافز الرياضى إلى وسيلة للفساد والإفساد.. فأصبح هناك مسؤولون ومدربون فى أندية واتحادات يطلبون مبالغ مالية ضخمة مقابل أن يضموا إلى فرقهم لاعبين ولاعبات ليس من الضرورى أن يلعبوا بالفعل، ولكن يكفى إدراج أسمائهم فى كشوف الفرق الفائزة بالبطولات، حتى يضيفوا درجات الحافز الرياضى إلى المجموع وتسقط معهم وبهم أبسط قواعد العدالة والمساواة.. بل أصبحت هناك فى المجلس القومى للرياضة إدارة كاملة اسمها «إدارة الحافز الرياضى».. وفوجئت هذه الإدارة بقرار وزير التعليم بإلغاء الحافز الرياضى لهذه السنة..
فقررت بسرعة تنبيه الاتحادات الرياضية وتحذيرها، ولكنها فى الحقيقة كانت تخاطب أولياء أمور الطلبة والطالبات، الراغبين أو المحتاجين لدرجات هذا الحافز ليتحركوا ويضغطوا على اتحاداتهم من أجل عودة النشاط الرياضى والمسابقات بأى ثمن - حتى ولو شكلياً فقط - ليجبروا وزير التعليم على التراجع عن قراره، فينالوا درجات إضافية غير مستحقة فى نهاية العام الدراسى.. بل بدأت إدارة الحافز الرياضى بالمجلس القومى تحاول إقناع وزارة الداخلية بالسماح باستئناف المسابقات المحلية على مستوى الناشئين، خاصة أولئك الذين يستعدون لامتحانات الثانوية العامة أو الإعدادية.. وبدورهم بدأ أولياء أمور هؤلاء الطلبة والطالبات، خاصة فى اتحادى كرة اليد والكرة الطائرة. اتحاد اليد لايزال يبحث ويفكر، أما اتحاد الطائرة فقد بدأ يدرس إعادة النشاط للصغار فى شكل دورى من دور واحد خوفا من ضغوط أولياء الأمور وغضبهم.. وهناك اتحادات أخرى بدأت تفكر جدياً فى أى وسيلة تتحايل بها على قرار وزير التعليم..
وأنا الآن أهدى هذه الحكاية للسادة الذين يكتبون قانون الرياضة الجديد فى مصر.. أسألهم: هل يوافقون ويقبلون أو يرضيهم ذلك؟! ومتى سنتخلص من هذا الحافز وأى شىء آخر ورثناه من أنظمة وأفكار شيوعية قديمة،.. وأنا لست ضد تقديم امتيازات للمتفوقين رياضياً.. شهادات تقدير، ومكافآت مالية، ومنح دراسية مجانية، ومكانة اجتماعية خاصة.. ولكن ليس هذا الحافز الرياضى الفاسد والظالم.
المصدر: المصري اليوم