لماذا يعشقون الزمالك؟

12 اغسطس 2015 الساعة 11:08 صباحا

هذا هو أعمق وأسخف وأصدق سؤال لا فى عالم الكرة المستديرة وحدها وإنما فى دنيا الأفكار والمذاهب والأخلاق.
أعمق سؤال لأنه يحاول تبرير شىء ربما لا تشرحه النتائج والأرقام، وعادة ما يسأله البعض لنفسه ليفرق بين الحقائق والأوهام، لماذا أعشق هذا الكيان بكل هذه الحرارة وأنتمى إليه كل هذا الانتماء، فالإحصاءات لا تؤيد أنه الأقوى فى درب التنافس ولا تشرح قوة الكفاح ومدى الفلاح أمام المنافس المشاكس، فكيف تفخر إذن بالمحبوب عندما يخفق، وكيف تراهن عليه كل حين وتشجع وتصفق؟الإجابة ببساطة (لأنه فنان) والفنان لا تشترط فى حب فنه دائما أن يفوز، ولا تراهن فى كل مرة يبدع فيها على أنه سوف يمنحك ما كنت تتمنى وتعوز. إنك أحببته حينما طار بك فنه ذات مرة فوق السحاب ومن حينها وأنت أسير حبه ولو تنازعك بين الغرام والعذاب.لا يمكن إذن أن تحب الزمالك الفنان إلا أن يكون فى أعماقك بذرة فنان، ذاق طعم الإبداع الحقيقى مرة وظل يرجوه فى كل مرة، وهذا ربما السر فى أن العدد الأكبر من الفنانين المبدعين يعشقون الزمالك ويرتبط مزاجهم بأدائه وسعادتهم بنجاحه ونشوتهم بفنه وإبداعه، حتى إنهم يحبون كل ما هو أبيض، ويتمنون أن يتفنن فى جنبات الملعب، ويتخيلون قبل المباراة وبعدها كيف يمكن أن يحرز هذا اللاعب أو ذاك أو ينتشى أداءً وهو مجرد يلعب.أما كون لماذا نعشق الزمالك هو أسخف الأسئلة فذلك حينما يسأله الانتهازيون تهكما وسخرية، جاهلين ما معنى أن يحب الإنسان فنا فى لحظة ويظل فى ذكرى نشوته كل لحظة، ألا تعلمون أن المشاهد فى هذه الحال شريك المبدع؟ فهذا الجمهور يلعب ويجرى ويراوغ ويسدد ويشوط ويصد ويفوت تماما كما يصنع اللاعب، وإن كان الأخير يصنعه فى قلب الميدان، بينما الجمهور يلعبه فى خلايا عقله وفى محيط القلب والوجدان.المشاهد العاشق يدرك أنه كلما ترقب وتذكر فإنه ضمن على الأقدار أن تلبى وأن تعيد وأن تكرر، أما الذين لا يرون الإمتاع إلا فى النتائج والأرقام ولا يجدون مبرراً للحب والانتماء إلا فى الدروع والكؤوس فمكانهم الأجدى سباقات البورصة وحسابات الثروة. صحيح أن البطولة لها حسابات علمية دقيقة لكن الإبداع نتاج تجربة إنسانية رفيعة تتسق فيها مجموعة قواعد خفية قد تظهر فجأة علاقاتها القدرية ثم تختفى وتحتاج زمنا حتى تعود لاتساقها واتحادها، فتنتج لنا الإبداع مرة أخرى، وحينها سيكون رفيق البطولة أيضا.سخف السؤال إذن فى جفائه وجهالته لأنه يقيس المحبة بالأرقام ويقيم الفنون بالوقائع بدلا من الأحلام، أما كون لماذا نعشق الزمالك هو نفسه أصدق الأسئلة فذلك لأنه برهان على أن السائل يمر بحالة حب حقيقية، وأنه لا يتصنعها أو يتكلفها أو يتوهمها، ولكنه حينما يكابد بعض خسائرها وويلاتها ونتائجها يواجه نفسه بالسؤال: لماذا أحب؟قد يتعجب كثيرون من اختيارى لموضوعى، مهما أسرفت فى العرض والشرح والفلسفة والتحليل فالذى أحب أن أؤكده أننى الآن متفائل جدا، وأرى أن السنة كلها بإذن الله بيضاء، وأن كثيرا من الأمور تعود إلى أصلها وطبيعتها مع هذه السنة الغراء.فالزمالك يأخذ الدورى وربما أكثر، ومصر سوف تفتح قناة السويس الجديدة والله أكبر.وعلى الرغم من أن كثيرين- وأنا منهم- يختلفون جذريا مع معظم عبارات المستشار المرتضى، لكن أحداً لا يمكن أن يجادل فى أنه لاشك (منصور).
 
بقلم:عاصم بكري
المصدر: المصري اليوم

آخر اﻷخبار

الاكثر قراءة